الصحة

الاستثمار في قطاع الأدوية العالمي.. فرص نمو ومخاطر محتملة

 

يشهد قطاع صناعة الأدوية العالمي، الذي تتجاوز مبيعاته السنوية 1.6 تريليون دولار، نمواً مطرداً بفضل عدة عوامل ديموغرافية وعلاجية رئيسية، أبرزها توسع الطب الشخصي، والارتفاع المستمر في معدلات الأمراض المزمنة، وظاهرة شيخوخة السكان على مستوى العالم. هذا النمو يفتح آفاقاً واسعة للمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية واعدة.

ومع ذلك، لا يخلو هذا القطاع من التحديات والمخاطر المحددة، كالمنافسة الشديدة، وطول أمد إجراءات الموافقة التنظيمية على الأدوية، واحتمالية فشل العلاجات أثناء التجارب. لذا، يجب على المستثمر توخي الحذر وإجراء بحث دقيق ومفصل لكل شركة قبل اتخاذ قرار شراء أسهمها.

النقاط الرئيسية:
صناعة الأدوية قطاع ضخم ومتنوع، سواء عالمياً أو داخل الولايات المتحدة.

من المتوقع أن ينمو سوق الأدوية في الولايات المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5.72% بين عامي 2025 و2030.

تتضمن أبرز المخاطر في القطاع: انتهاء براءات الاختراع، الفشل في التجارب السريرية، وصعوبة الحصول على الموافقات.

نظراً للطبيعة العلمية والتقنية المعقدة للأدوية، تُعتبر “العناية الواجبة” للمستثمر أمراً ضرورياً وحاسماً.

نظرة على قطاع الأدوية
تقوم شركات الأدوية بالبحث والتطوير والتصنيع والبيع لمختلف العلاجات، بما في ذلك الأدوية الوقائية واللقاحات. وينقسم هذا القطاع إلى فئتين رئيسيتين: الأدوية الكيميائية والمستحضرات البيولوجية (البيولوجيا).

1. الأدوية وبراءات الاختراع
الأدوية الصيدلانية (Pharmaceuticals) هي عادة مركبات كيميائية مصنّعة. عند طرح دواء جديد، تتمتع الشركة المطورة له بحق براءة الاختراع أو الحصرية السوقية لفترة محددة.

بمجرد انتهاء هذه الحصرية، يمكن لشركات أخرى البدء بإنتاج الأدوية الجنيسة (Generic Drugs)، وهي نسخ كيميائية مطابقة للدواء الأصلي ولكن تُباع بأسعار أقل بكثير. هذا التحول يؤدي غالباً إلى منافسة حادة وانخفاض في إيرادات الشركة الأصلية، مما قد يؤثر سلباً على قيمة أسهمها.

2. المنتجات البيولوجية والتشابه الحيوي
المنتجات البيولوجية (Biologics) هي جزيئات بروتينية كبيرة الحجم تُصنع من خلايا حية، وتشمل اللقاحات والعلاجات الجينية. إن تصنيع هذه المنتجات أكثر تعقيداً وكلفة، وقيود توزيعها أشد. هذه العوامل تجعل دخول المنافسين إلى هذا المجال أصعب.

إذا طور المنافسون منتجاً مشابهاً، فإنه يُسمى “مُشابه حيوي (Biosimilar)”. وعلى عكس الأدوية الجنيسة، فإن المشابهات الحيوية ليست قابلة للتبديل بشكل كامل مع الدواء البيولوجي الأصلي، مما يقلل من حدة الانخفاض السعري والمخزوني الذي تتعرض له أسهم شركات المنتجات البيولوجية.

تجدر الإشارة إلى أن طرح دواء جديد في السوق يستغرق حوالي 10 سنوات، بمتوسط تكلفة يتراوح بين 1.3 مليار دولار إلى 2.8 مليار دولار.

دوافع الاستثمار في أسهم الأدوية
يمكن للمستثمرين البحث عن أسهم الأدوية التي تلبي أهدافهم، سواء كانت نمواً مرتفعاً، أو قيمة طويلة الأجل، أو أرباحاً ثابتة.

عوامل نمو القطاع:

شيخوخة السكان: مع تزايد عدد كبار السن، يزداد الطلب على الرعاية الصحية والعلاجات الدوائية بشكل متوقع.

مرونة الطلب: لا تتبع أسهم الأدوية بالضرورة اتجاهات السوق العامة لأن الطلب على الأدوية غير مرن؛ يحتاجها الناس بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية. هذا يوفر تنوعاً ويجعل الإيرادات أكثر ثباتاً نسبياً.

الإنفاق الصحي المتزايد: من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الرعاية الصحية في الولايات المتحدة ليصل إلى نحو 6.8 تريليون دولار بحلول عام 2030.

التطور العلاجي: استمرار تطور أنواع جديدة ومكلفة من العلاجات، مثل العلاج الجيني.

كيفية اختيار الأسهم: العناية الواجبة في القطاع الطبي
يجب على المستثمرين تحليل الأسهم بعناية فائقة، مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة العلمية للقطاع:

1. آفاق النمو وخطوط الإنتاج (Pipeline):

يجب تقييم أرباح وإيرادات الشركة وتحليل خطط تطوير الأدوية لديها. يتعين على الأدوية المرور بمراحل محددة:

الاكتشاف والتجارب ما قبل السريرية: اختبار الأدوية على الحيوانات أو في المختبر.

التجارب السريرية (Phases I, II, III): مراحل الاختبار على البشر لتحديد الأمان، الجرعة المثلى، والفعالية. نجاح الدواء في التجارب السريرية، خاصة المراحل المتقدمة، يعد مؤشراً قوياً لإمكانات نمو السهم.

الموافقة التنظيمية: الموافقة من هيئات مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أو وكالة الأدوية الأوروبية (EMA).

2. المقاييس المالية (النوعية والكمية):

بالإضافة إلى مقاييس التقييم التقليدية مثل نسبة السعر إلى الأرباح (P/E)، يجب النظر إلى ما يلي:

معدل استهلاك السيولة (Burn Rate): مهم للشركات التي لم تحقق أرباحاً بعد؛ يقيس مقدار الأموال التي تنفقها الشركة كل ربع سنة على البحث والتطوير.

نسبة السعر إلى المبيعات (P/S): مفيدة لتقييم الشركات التي لم تبدأ مبيعاتها بعد، بناءً على التوقعات المستقبلية.

أرباح الأسهم (Dividends): بعض الشركات الكبرى تقدم أرباحاً ثابتة، مما يوفر مصدراً مستمراً للدخل.

مخاطر الاستثمار في أسهم الأدوية
تتضمن المخاطر الأكثر أهمية التي يجب على المستثمرين الانتباه إليها:

الفشل السريري أو التنظيمي: فشل الأدوية في اجتياز التجارب السريرية، أو عدم الحصول على موافقة الهيئات التنظيمية حتى بعد النجاح السريري.

انتهاء براءات الاختراع والمنافسة الجنيسة: دخول المنافسين بمنتجات جنيسة أرخص بعد انتهاء الحماية، مما يضغط على الأسعار والإيرادات.

التقاضي والمسؤولية: شيوع الدعاوى القضائية المتعلقة بسلامة الأدوية، واحتمال سحبها من السوق.

صعوبات التسعير والتعويضات: عدم قدرة الشركات على تأمين التغطية اللازمة من شركات التأمين أو البرامج الحكومية، مما قد يجبرها على خفض الأسعار.

الوجبات الجاهزة للمستثمر:
للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع، يمكن البدء عبر صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المتخصصة في الأدوية لتنويع المخاطر. أو، إذا اخترت الأسهم الفردية، يجب التعمق في البحث العلمي والمالي لكل شركة لتحديد إمكانات نموها وتحقيق أرباح مستقرة. فهم دورة حياة الدواء، من الاكتشاف إلى الموافقة، هو مفتاح اتخاذ قرار استثماري حكيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم Adblocke

https://rmse.sa/wp-content/uploads/2025/02/Download-Adblock.webp