رياضة

الرياضات المنسية: كنوز تراثية تستحق الاكتشاف

في عالم تهيمن عليه كرة القدم والسلة والتنس، تتوارى خلف الأضواء مجموعة من الألعاب والرياضات التي شكّلت جزءًا أصيلاً من تراث الشعوب وثقافتها، وهي ما يمكن أن نطلق عليها “الرياضات المنسية” أو “التقليدية”. هذه الرياضات ليست مجرد أنشطة بدنية، بل هي متاحف حية تعكس قِيَم المجتمعات ومهاراتها وتاريخها.

لماذا تُنسى الرياضات؟
تتضاءل شعبية هذه الألعاب لعدة أسباب، أبرزها:

الاحتراف والإعلام: هيمنة الألعاب ذات العوائد المالية والإعلامية الضخمة تُقلل من دعم ورعاية الألعاب التقليدية.

التطور العمراني: غالبًا ما تتطلب الرياضات المنسية مساحات طبيعية أو بيئات خاصة (كالصحاري أو السهول) التي تقلصت بسبب التوسع الحضري.

تغير الاهتمامات: تحول اهتمام الأجيال الشابة إلى الألعاب الرقمية والرياضات العصرية السريعة.

غياب التوثيق: ضعف توثيق القواعد والمهارات اللازمة لممارستها، مما يهدد بانقراضها.

أمثلة بارزة للرياضات المنسية
تعود هذه الرياضات غالبًا إلى تراث ثقافي محدد:

1. سباقات الهجن (الجزيرة العربية): رغم بقائها كرياضة تراثية مهمة ومدعومة في دول الخليج، إلا أنها تظل منسية عالمياً مقارنة بسباقات الخيول. تمثل هذه السباقات رمزاً للقدرة على التحمل والارتباط بالبيئة الصحراوية.

2. الكابادي (جنوب آسيا): هي رياضة جماعية قديمة مزيج بين المصارعة والمطاردة، تتطلب خفة الحركة والتحمل الاستثنائي، حيث يتعين على اللاعب المهاجم أن يلمس أكبر عدد ممكن من الخصوم في نفس واحد دون أن يُقبض عليه.

3. لعبة القوّ (Go – آسيا): أقدم لعبة لوحية مستمرة في العالم، نشأت في الصين قبل أكثر من 2500 عام. على الرغم من كونها تتطلب مستويات هائلة من التفكير الاستراتيجي والذكاء، إلا أنها لم تنل الشهرة العالمية التي نالتها الشطرنج.

4. لعبة البولوك (Polo-K – الأرجنتين): مزيج بين البولو وكرة السلة، تُمارس على ظهور الخيل، وتُعد الرياضة الوطنية في الأرجنتين، وهي مثال على الرياضات التقليدية التي لا يعرف عنها الكثير خارج نطاقها الجغرافي.

القيمة التي تقدمها هذه الرياضات
إن إنقاذ هذه الرياضات من النسيان هو عمل ثقافي ورياضي في آن واحد:

الحفاظ على التراث: هي وسيلة لنقل المهارات والقيم الثقافية عبر الأجيال.

التنوع الرياضي: تقدم تحديات بدنية وذهنية فريدة لا تتوفر في الألعاب العصرية.

السياحة والفعاليات: يمكن أن تصبح جاذبة للسياح ورافداً لاقتصاديات محلية من خلال تنظيم المهرجانات الخاصة بها.

لم يعد الأمر يقتصر على مجرد التذكر، بل يجب أن يكون هناك جهد مؤسسي لتوثيق قواعد هذه الألعاب، وتدريب الأجيال الجديدة عليها، واستخدام التكنولوجيا الحديثة (كالألعاب الرقمية أو الواقع الافتراضي) لـإعادة إحيائها وجعلها جزءًا من المشهد الرياضي المتنوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم Adblocke

https://rmse.sa/wp-content/uploads/2025/02/Download-Adblock.webp