جبل طويق .. رمز الشموخ وذاكرة نجد النابضة
جبل طويق ليس مجرد سلسلة جبلية ضخمة، بل هو أيقونة جغرافية، ورمز ثقافي، وذاكرة حية في قلب المملكة العربية السعودية. يمتد هذا الجبل الشامخ في هضبة نجد ليشكل حافّة طبيعية مهيبة، ارتبط بها تاريخ المنطقة وحاضرها ومستقبلها.
الوصف الجغرافي وأصل التسمية
الامتداد والتكوين:
جبل طويق عبارة عن هضبة ضيقة وجرف صخري ضخم من الحجر الجيري والطين، يعود تكوينه إلى العصر الجوراسي. يتميز بـ:
شكل “القوس” أو “الطوق”: سُمي “طُويق” (تصغير لكلمة طوق) لأنه يلتف على شكل قوس ضخم، مطوقاً منطقة واسعة من نجد، ويمكن رؤيته بوضوح حتى من الفضاء الخارجي.
الامتداد الهائل: يمتد لأكثر من 800 كيلومتر، بدءاً من نفود الثويرات شمالاً حتى مشارف صحراء الربع الخالي جنوباً، مخترقاً إقليم اليمامة التاريخي.
الارتفاع: يرتفع الجبل بشكل حاد في واجهته الغربية، بينما ينحدر تدريجياً من الشرق، ويصل ارتفاعه عن السهول المحيطة به إلى حوالي600 متر، مع بلوغ أعلى قممه نحو 1200 متر فوق سطح البحر.
جبل العارض: كان يُطلق عليه تاريخياً اسم “جبل العارض” أو “عارض اليمامة”، لأنه يعترض مسار القوافل التجارية وقوافل الحج القادمة من جنوب الخليج العربي إلى الحجاز.
الأهمية التاريخية والثقافية
لطويق مكانة عميقة في وجدان السعوديين، تتجاوز الجغرافيا لتلامس التاريخ والثقافة:
مهد الحضارات: كشفت الحفريات الأثرية على امتداده عن وجود قرى قديمة وآثار تعود إلى ما قبل التاريخ، مما يؤكد دوره كموقع استيطاني وممر للهجرات الإنسانية ، كما يضم معالم تاريخية مثل “درب أبا القد” الذي يعود إلى بدايات العصر الإسلامي.
رمز الشموخ والقوة: لطالما تغنى الشعراء بطويق كرمز للقوة والصلابة والمنعة، حتى أصبح حاضراً في الأدب الشعبي والرسمي.
العزيمة الوطنية: اكتسب الجبل شهرة عالمية بعد التشبيه الشهير لسمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، الذي قال: “همّة السعوديين كجبل طويق… لن تنكسر إلّا إذا تساوى في الأرض”. هذا القول رسخ طويق كرمز للعزيمة والإرادة الوطنية في تحقيق “رؤية المملكة 2030”.
طويق في المستقبل والسياحة
يُعد جبل طويق حالياً ركيزة أساسية في الخطة السياحية والمستقبلية للمملكة:
وجهة المغامرات: منحدراته الحادة وتضاريسه الوعرة جعلته وجهة مثالية لعشاق رياضات المغامرات، مثل التسلق والتخييم ورحلات الاستكشاف.
حافة العالم (Edge of the World): إحدى النقاط المذهلة المطلة على الجبل، والتي توفر مناظر بانورامية خلابة، وتُعد مقصداً سياحياً شهيراً في محيط الرياض.
مشروع القدية: يُعتبر جبل طويق هو الخلفية الطبيعية والعمود الفقري لمشروع مدينة القدية الترفيهية والثقافية الضخم، حيث يتم استغلال تضاريسه لتقديم تجارب فريدة في المغامرات والترفيه، بما يتوافق مع أهداف “رؤية 2030”.
وبهذا، يظل جبل طويق شاهداً أبدياً على تاريخ نجد، وملهماً للأجيال، ورمزاً بارزاً لقوة وعزيمة وطن يتطلع بثبات نحو مستقبل مشرق.
